فيلم "Warfare": تجربة حرب خام أم خيبة أمل تكتيكية؟ آراء متضاربة تكشف المستور!
وجهة نظر أولى: "لقد مررتُ بهذا من قبل" – نظرة جندي سابق
يجب أن أبدأ بالقول "لقد مررتُ بهذا من قبل". وهو ما قد يكون أفسد الأمر قليلاً بالنسبة لي حيث وجدت نفسي أتساءل باستمرار عن السيناريو والإجراءات المتخذة. لكن لم أستطع إلا أن أشعر أن هذا الفيلم جعل الجنود يبدون ويتصرفون كمجموعة من الهواة.
لنفترض فقط أن "تدريبات الاشتباك" (Contact Drills) هي مفتاح كل شيء. تدريب الاستجابة الفورية للعدو (IA drill)، الاتصالات، والإسعافات الأولية. كلها مكونات رئيسية. لذلك عندما شاهدت هذا شعرت وكأنني أشاهد الحرس الوطني. لا فكرة لديهم. بطيئون. غير أكفاء تكتيكيًا وبلا قيادة.
كان التصوير السينمائي جميلاً. حركة الاتصالات اللاسلكية واقعية. الصور الجوية المستمرة غير مرجحة إلى حد كبير. نقص الدعم الجوي واقعي. الغبار والأوساخ كما أتذكرها. ولكن أين كان الذباب؟ آلاف الذباب اللعين المزعج الذي كان في كل مكان! لا، لم يُرَ أيٌ منها في هذا الفيلم.
كان الحوار متوسطًا. يُنسى بسهولة. غير ذكي. كان للممثلين جميعًا مظهر معين. كان التمثيل مقبولاً. لكنهم جميعًا اندمجوا في شخص واحد بمجرد حدوث الاشتباك.
كان طلب الإخلاء الطبي الأولي (casevac) محيرًا. جرحى قادرون على المشي. إضاعة الوقت بإخلاء طبي فوري يناسب إصابة خطيرة تهدد الحياة. ما الذي كان يدور حول ذلك؟ هل فاتني شيء؟ هل فاتني الإسعافات الأولية والفرز؟ لم يكن الأمر منطقيًا ببساطة. اصمتوا فقط وواصلوا القتال كجنود!
ثم الاشتباك الرئيسي. الكثير من الرصاص يتطاير. مع جميع المقاتلين الذين تدربوا على ما يبدو على يد جنود العاصفة (Stormtroopers). الرصاص يتطاير في كل مكان. لا أحد يصاب. كيف؟! ولا تجعلوني أبدأ الحديث عن المركبات المدرعة. لم تطلق أسلحتها الرئيسية إلا قرب النهاية. هل كانت الذخيرة تُقنن؟ لم يكن الأمر منطقيًا. لم تقدم أي حماية حتى النهاية. هاه؟!
نعم، كان قاسيًا، دمويًا، وصاخبًا. لكن هذا كل ما كان عليه. الكثير من الضجيج حول جنود محاصرين في منزل، محاطين بالعدو. عدو كان خجولًا بعض الشيء بعد تلك القنبلة الأولى. تاركًا بقية الفيلم يدور حول القليل جدًا.
غزت الولايات المتحدة دولة (روسيا)، مع مقاومة السكان المحليين (أوكرانيا). الأقواس تعكس المقارنات المحزنة. أصيب البعض. فيلم عن نقلهم إلى بر الأمان. هذا كل شيء. لا شيء عن العائلة التي دُمر منزلها / حياتها. لا تطوير للشخصيات. لا مسار للقصة. مجرد فيلم إطلاق نار غبي جعل الجنود يبدون كمجندين في التدريب الأساسي.
يعتمد هذا الفيلم بشكل كبير على الضجيج. إنه فيلم مناسب للعرض في غرف الحراسة. ليس كلاسيكيًا.
وجهة نظر ثانية: "Warfare" ليس فيلمًا تشاهده. إنه شيء تنجو منه.
"Warfare" ليس فيلم حرب. إنه الحرب.
يجرد Garland و Mendoza هذا النوع السينمائي من كل شيء يمكن التعرف عليه: لا مسارات للشخصيات، لا استرجاع للماضي (flashbacks)، لا إيحاءات وطنية أو لحظات عاطفية. لا توجد أسماء لنتذكرها. لا وطن لنشتاق إليه. لا سقالات سينمائية لنتشبث بها. ما تبقى هو الآلية الوحشية للقتال – جافة، فورية، إجرائية.
هذا ليس الانحدار النفسي لفيلم "Apocalypse Now"، ولا الإنسانية المرتعشة لفيلم "Saving Private Ryan". إنه أشبه بالتعرض للإيهام بالغرق بالغبار والصوت والارتباك.
الكاميرا لا تتزعزع – قريبة، متفاعلة، غالبًا محمولة باليد ولكنها ليست فوضى "الكاميرا المهتزة". تتحرك مع الجنود، لكنها لا تضفي عليهم طابعًا عاطفيًا أبدًا. لا يوجد تصوير بطيء. لا يوجد تأطير تأملي. مجرد أجساد تتحرك عبر الدخان، تطهر الغرف، تستولي على المباني. العدسة لا تجد جمالاً في الدمار – بل تتجنبه تمامًا. اللقطات القليلة الواسعة التي نحصل عليها هي فقط لإظهار مدى ضآلتهم. مدى عبثية كل شيء يبدو من مسافة بعيدة. تصميم الصوت لا هوادة فيه: أجهزة الراديو تتداخل أصواتها، أصوات إطلاق النار يتردد صداها عبر الأزقة الضيقة. لا يوجد تقريبًا أي موسيقى تصويرية، وعندما تظهر الموسيقى (أغنية "Dancing and Blood" لفرقة Low) تكون رتيبة، شبحية، مناهضة للبطولة. إنها تطارد بدلاً من أن ترفع المعنويات. تصميم الإنتاج فعال بشكل مخيف. كل شيء يبدو وكأنه قد استُخدم طويلاً ومات منذ زمن في نفس الوقت. يمكنك شم رائحة الرماد، والشعور بالحرارة المنبعثة من الخرسانة. البيئات ليست مُنمقة، إنها متحللة، مهجورة، نصف حقيقية. يبدو وكأن الحرب قد حدثت بالفعل، وهذا مجرد بقاياها.
إحدى اللحظات الأخيرة، على وقع الكابوس الرتيب لأغنية "Dancing and Blood" لفرقة Low، تُظهر صورة ضبابية لعائلة عراقية قبل ثوانٍ من تدمير منزلهم. ليس للصدمة. ليس من أجل الحبكة. ولكن لأن هذه هي الحرب – تحدث، ثم تختفي، وتبقى الصورة، ملطخة وغير واضحة.
فيلم "Civil War" أطر أخلاقيات تصوير العنف. "Warfare" يزيل الإطار تمامًا. لا توجد صورة هنا لتفسيرها – مجرد حضور. مجرد حدث.
إنه أيضًا أحد أكثر أفلام الحرب غمرًا التي رأيتها على الإطلاق، تحديدًا لأنه يرفض أن يشرح نفسه. الفيلم لا يهتم إذا كنت تائهًا. إنه يريدك أن تكون كذلك. تتراكم الأسئلة. لا تتم الإجابة على أي منها. يُعامل السياق كرفاهية، رفاهية لا تحصل عليها الشخصيات (والجمهور).
بحلول المشهد الأخير، تشعر بالإرهاق – لست متحمسًا، ولست متأثرًا – مجرد إفراغ. ثم يمتلك الفيلم الجرأة لينتهي بكلمة واحدة:
"لماذا؟"
لكنه لا يسألها للاستفزاز. يسألها كما قد يسأل شبح. كما تفعل الذاكرة. إنه ليس سؤالًا. إنه صدى.
"Warfare" ليس فيلمًا تشاهده. إنه شيء تنجو منه.
9/10.
ملاحظة: بعد تجربة "Warfare" بتقنية Dolby Atmos، يجب أن أؤكد على مدى الإرباك الصوتي للمشهد الافتتاحي للفيلم – لحظة من السريالية شبه المبتهجة، حيث يفقد الجنود أنفسهم في الإيقاع النابض لأغنية "Call on Me"، مع صدى صوت البيس (bass) بقوة لدرجة شعرت معها أن سقف السينما سينهار. إنه مشهد من الخفة غير المتوقعة والبهجة الجماعية، تم تقديمه بطاقة منومة وجرأة نغمية. تحديدًا هذا التناقض المذهل – بين الحيوية شبه العبثية للمقدمة وخاتمة الفيلم المدمرة عاطفيًا والموحشة – يمثل أحد أكثر التجاورات جرأة وإثارة للصدمة في السينما الحديثة.
مشاهدة فيلم Warfare (2025) مترجم